الاذان ،شرف المناصب الدينية،الولايات الشرعية الاذان ،شرف المناصب الدينية،الولايات الشرعية
لشرف المناصب الدينية، والولايات الشرعية، جاءت نصوص تمنع من أخذ الأجرة عليها، مراعاة لجانب الإخلاص، وتمحض القربة لله تعالى، ووردت نصوص ترخص في أخذ الأجرة على ذلك، فحصل الخلاف بين الفقهاء في هذه المسألة ومن ذلك مسألة: أجرة المؤذن، وهذا بيان النصوص وطريق الجمع بينها:
حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى الطائف أميراً عليها، قال: فكان آخر ما أوصاني به أن قال لي: (واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً ) رواه الخمسة.
وروى ابن حبان والنسائي عن أبي محذورة -وهو حديث حسن بمجموع طرقه- وفيه أنه قال: "ألقَى عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ألفاظ الأذان ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من فضة".
جمعا بين النصوص السابقة، يمكن حمل حديث عثمان بن أبي العاص: (اتخذْ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً )، على مَن يطلب الأجر، وأما حديث: "أعطاني صرة فيها شيء من فضة"؛ فإن أبا محذورة أذن، فلما أذن وفرغ أعطاه، فكان أشبه ما يكون بالرضخ، -والرضخ والعطايا من بيت مال المسلمين-، وعلى هذا فإن الأجرة إنما تحرم إذا كانت مشروطة، لا إذا أُعطيها بغير مسألة.
قال الشوكاني: وهو جمع حسن.
وقد قال بعض أهل العلم بجواز أن يُعطَوا رزقاً من بيت مال المسلمين، إذا لم يجدوا مؤذنا متطوعاً، كما قال الأوزاعي: يجاعل عليه ولا يؤاجر، فتكون من باب الجَعالة، وهي عقد التزام من جانب واحد، فهي عقد جائز، بينما الأجرة عقد لازم من الطرفين.
وعلى كل ففي هذه الأزمنة المتأخرة جرت الفتوى بجواز أخذ الأجرة من باب الضرورة حتى على مذهب من منع كالحنابلة والحنفية وغيرهم.
يقول الشيخ محمد المختار الشنقيطي في شرح زاد المستقنع: لمَّا قلَّ المحتسبون، وقلَّ من يوجد من يقوم بالأذان حسبةً لخفة الدين عند كثير من الناس، خاصة في آخر الزمان -نسأل الله السلامة والعافية- قالوا: يجوز؛ لأننا لو لم نقل بهذا ما وجدنا أحداً يُقيم للناس أذاناً، ولذلك وجود المصالح العظيمة على إعطاء الأجرة بمثل هذا تخفف معها مفسدة ارتكاب المحظور باتخاذ المؤذن الذي يأخذ على أذانه الأجر.... فهناك شيء يسمى المذهب، وهناك شيء يسمى الفتوى المختلفة باختلاف العصر والزمان، فأما المذهب فحرمة الأجرة، وأما الفتوى بالجواز لاختلاف الزمان والمكان فهي مقيدة بالحاجة.[/read]