لكل مقارنة قواعد ، ولكل لعبة طريقتها وقوانينها الخاصة ، ولكن ماذا إذا كان احد اللاعبين هو ذاته الحكم ، هو الوحيد القادر على تغيير قواعد اللعبة ، وهو الوحيد القادر على جعلها أكثر إثارة ، وعلى الرغم من حرصه على أن يلعب بطريقته ، إلا انه لا يلبث إلا أن يجعل اللعبة أكثر تشويقاً عاماً تلو الآخر .
تلك هى الفئة الثالثة من BMW ، والتى لا تعد من ضمن السيارات التى ننسبها إلى فئة معينة ، بل على العكس فهناك فئة من السيارات تنسب إلى الفئة الثالثة ، وهى الفئة التى تحدد السيارات المتنافسة فيها بكل سيارة تحاول الوصول إلى مستوى الفئة الثالثة ، والتى استمرت لست أجيال متتالية تضع قوانين اللعبة وحدها ! .
التصنيف .... الفئة الثالثة !تندرج الفئة الثالثة بمفاهيم التصنيف الرسمية المملة لفئة السيارات السيدان الرياضية المدمجة ، أو الفاخرة المدمجة من وجهة نظر أخرى ، وهى فئة ببساطة تضم مجموعة من السيارات من صناع كبار يحترفون عالم السيارات الفاخرة ويقدمون لك مكان وسط مجتمعهم الراقي بسيارة سيدان مدمجة .
البداية كانت من ابتكار BMW والتى أطلقت أولى سيارات الفئة الثالثة نهاية السبعينيات ، وهى الشهيرة E21 ، والتى لم تكن إلا بداية لفكر تبلور لما هو عليه الان فى الجيل الثانى والذى يعد واحداً من أهم أيقونات عالم السيارات ، وهو الرائعة E30 والتى رسمت المفهوم الحقيقى للسيدان الرياضية المدمجة بداية الثمانينيات .
ولعدة أجيال استمرت الفئة الثالثة بحلتها الأنيقة والى جانبها شقيقتها M3 تكيلان الضربة تلو الأخرى إلى منافسيهم ، والذين أصبح دورهم يتلخص فقط فى اللحاق بالفئة الثالثة ، التى سيطرت بحق على فئتها ، فلا أبالغ أن أقول أن الفئة الثالثة هى واحدة من أكثر الأمثلة النادرة على سيطرة سيارة على فئة ما لعقود .
الانطباع الأولمنذ أن كتبت مقالي السابق عن الفئة الثالثة بعد أن أطلقتها BMW رسمياً وأنا أتطلع لتجربتها ، فتلك النوعية من السيارات والتى ستتسبب فى جدل واسع فى الأسواق لست سنوات قادمة على الأقل ، تمثل لمحبى النقاشات الحادة أمثالي صيد ثمين يمكنك من اكتساب انطباعات ومعلومات ستفيدك كثيراً فى التعرف على ما يدور فى كواليس عمل المنافسين ممن يعملون الان على الأجيال الجديدة من سياراتهم المنافسة ، وعلى الأرجح وكالعادة ليسوا فى موقف يحسدون عليه .
فعلى الرغم من أن الفئة الثالثة ليست واحدة من كبار عائلة BMW ، وعلى الرغم من أنى لست حقيقة من عشاق BMW ، إلا أن كافة سيارات تلك العائلة تبدع فى رسم تلك الابتسامة على وجهك بمجرد رؤيتها ، فهى كما عهدتها دوماً قوية وذات وجه معبر عن شخصيتها ، يجعلك تنجز كلماتك مع من يرافقك سريعاً حتى تعود خلف المقود ، والذى مجرد أن تلمسه لن تفضل أن يقاطع احد ما استمتاعك بتلك الآلة المصممة للمرح ، والتى حتى لو كانت ذات أربعة اسطوانات ، لازالت تستحق أن يطلق عليها " The ultimate driving machine " .
فالسر فى هذا اللقب لم يكن أبدا القوة ، وإنما ما يسرى فى جسدك من نشوة عبر المقود وكل قطعة تحيط بك داخل سيارات BMW ، فهى تجعلك تشعر وكأنك سائق أفضل ، وتلبى ما تريد تماماً كما تريد ، وكأن تلك السيارات تتلقى تدريب من نوع ما على التلاؤم معك ؟!! .
فعلى جانب التصميم ، المصابيح قوية للغاية وذات فضل كبير فى توصيل انطباع خاص إليك عن السيارة ، ناهيك عن فتحتى التهوية من BMW الشهيرتين والخطوط الانسيابية فى كل قطعة من جسد السيارة ، والتى جعلتني ألاحظ أمر هام جداً .
ففى السابق اعتمدت الفئة الثالثة على شخصية شبابية حادة بعيدة قليلاً عن بقية لاعبى السيدان لدى BMW ، ولكن فى هذا الجيل صارت العلاقة أكثر قرباً بينها وبين باقى العائلة . فالفئة الثالثة الجديدة هى نسخة شبابية رياضية من الفئة الخامسة ، بما يزيد من شعورك بفخامة تلك السيارة ، ويجعلك تلاحظ بعد تمعن ، أن السيارة تسعى لتكون ليس فقط سيدان رياضية مدمجة ، ولكن كذلك فخمة بشكل واضح خارجياً ، وهو ما لم تعتاده .
المقصورة والتجهيزاتلتحقق BMW رؤيتها الجديدة للفئة الثالثة كسيارة فاخرة إلى جانب كونها رياضية ، منحت الفئة الثالثة المزيد من الحجم الخارجى ، والذى انعكس بدوره على المقصورة وأصبحت أكثر رحابة ، وهو أمر ملاحظ جداً لمن تعامل مع الجيل السابق .
فالأبواب الخلفية تفتح بزاوية اكبر من الجيل السابق بشكل ملحوظ بما يسهل الدخول والخروج ، إضافة إلى زيادة مساحة الأرجل الخلفية بـ 15 مم عن الجيل السابق ، مع زيادة المسافة بين المقاعد الخلفية والسقف بمقدار 8 مم بما يمنح المزيد من الراحة لطوال القامة ، وكل ذلك إضافة إلى مساحة تخزين خلفية اكبر بـ 20 لتر من الجيل السابق بإجمالى 480 لتر ، وهو ما يجعل الفئة الثالثة الجديدة بحق سيارة عملية .
وعلى الرغم من أن لوحة القيادة لم يتغير تصميمها العام ، إلا أنها فى الواقع قد حصلت على تعديلات كثير لتصبح أكثر عصرية ، مع عدم المساس بعملية وبساطة كافة الأدوات ، وهو احد المميزات التى لا يجب أن تفقدها تلك السيارة بالفعل ، فهى فى كل الأحوال سيارة استخدام يومي . وعلى اى حال إذا كنت من عشاق التعمق فى التقنية ، فلديك نظام الـ iDrive والذى يجعلك حائراً بين الاستمتاع بالقيادة أو اكتشاف ما يمكن لهذا النظام تقديمه من خدمات رائعة وتحكم فى قائمة طويلة من وظائف السيارة كل عن طريق المفتاح الدائري المثبت فى الكونسول الوسطي .
ومن حول الـ iDrive ستلاحظ مستوى الجودة والفخامة لمقصورة السيارة الجديدة ، فالمقصورة بشكل عام هى واحدة من النقاط التى لن تجد فيها أيه مشكلة مع الفئة الثالثة الجديدة .
المحرك والأداءاستمتعنا فى تجربة القيادة بالحصول على طراز 320i ، وهو مزود بمحرك رباعى الاسطوانات ذو شحن توربينى بقوة 184 حصان وعزم 270 نيوتن . متر ، ويتصل هذا المحرك بناقل حركة أوتوماتيكي من 8 سرعات يدفع بالسيارة إلى سرعة 100 كم فى الساعة خلال 7.3 ثانية وسرعة قصوى 235 كم فى الساعة .
تلك كانت الأرقام الرسمية ، أما على ارض الواقع فعلى الرغم من أننا نجرب واحد من اقل طرازات تلك السيارة قوة ، إلا أنها بحق لم ترضى إلا أن تكون لاعب بافاري حقيقي . فتلك الـ 184 حصان تنطلق بكامل قوتها عند 5000 لفة فى الدقيقة فقط ، ويحملك إليها العزم سعيداً بداية من 1250 وحتى 4500 لفة فى الدقيقة ، وهو ما يترجم على ارض الواقع باستجابة رائعة للمحرك من الانطلاق وحتى الوصول لأقصى سرعة .
كذلك أعجبنا كثيراً أداء ناقل الحركة سريع الاستجابة هادئ الطباع والذى يحملك سريعاً إلى اعلى السرعات فى القيادة الهادئة ليوفر لك الوقود ، ويبقيك بعيداً عن الأرقام الكبيرة إذا ما أردت بعض المرح .
كذلك جاء أداء نظام التعليق متميزاً فى المنعطفات وفى مستوى الراحة ، وعلى الرغم من أن السيارة قد فقدت بعض من شعور المقاومة فى المقود الذى عرف به الجيل السابق والذى كان ينقل لك كامل ما تمر به العجلات الأمامية إلى يديك ، إلا أن F30 لازال لديها القدر الكافى من رد الفعل على المقود والذى تم تخفيفه ليناسب شخصية السيارة الجديدة .
الخلاصةمن جديد أبدعت الفئة الثالثة فى رسم قواعد اللعبة ، فهى من جانب لم تعد الطائر الذى يحلق خارج السرب ، فقد عادت إلى قلب العائلة من جديد لتكتسب من الصفات والخبرات ما لم يكن لديها لتصبح أكثر قوة ، وهى رؤيا كانت موفقة من BMW ، فبعد تجربة الفئة الثالثة الجديدة ، ازداد اهتمامي بالتعرف على الأجيال القادمة من منافسيها ، ممن وضعتهم الفئة الثالثة كعادتها فى موقف غاية فى الصعوبة ، فمجرد مجاراة تلك السيارة أصبحت مهمة تتكلف المليارات !