«الشهامة» و«السمحة» لم يعودا مجرد اسمين من أسماء المناطق الجغرافية التابعة لإمارة أبوظبي، بعد أن اختارهما د.ناصر حمد الهاجري اسمين لنوعين من السيارات التي ينتجها ضمن أول خط لإنتاج سيارات صنعت في الإمارات بدءاً من العام ،1989 ليحقق حلماً لازمه سنوات طويلة. بداية الحلم، كما روى الهاجري لـ«الإمارات اليوم»، كانت مع عام ،1978 حين كان طالباً في المرحلة المتوسطة، وما كان ينتهي من ساعات الدراسة حتى يسارع إلى ورشة والده ليتعلم أسس ميكانيك السيارات هناك، ومع الوقت استطاع أن يجري تعديلات على بعض السيارات، ما دفعه إلى التفكير في تصنيعها. في عام 1987 حصل الهاجري على بعثة لدراسة الهندسة في بريطانيا، وبالتحديد في مدينة سوانزي بمقاطعة ويلز، وأمام الإمكانات المتطورة التي وجدها في الجامعة، راوده الحلم مرة أخرى بتصنيع سيارته الخاصة، وجاءت أولى الخطوات العملية لتحقيق الحلم من خلال إعلان قرأه عن بيع قالب يُستخدم لتصنيع هيكل السيارة، فسارع إلى شرائه، وكان هيكلاً لسيارة من نوع «لامبرغيني»، وخلال عمله لإنجاز سيارته كان عليه أن يتحدى سخرية سكان المنطقة التي كان يعيش فيها ويعمل على تصنيع سيارته، إذ كانوا يسخرون منه، بل وصل الأمر بهم، بحسب ما أوضح، إلى إشعال النيران في الورشة التي كان يعمل فيها، ما دفعه إلى نقل السيارة إلى منزل صديق له حتى انتهى من عمله، ليتحقق الحلم بعد سنة من العمل المضني، إذ تم فحص السيارة من قبل الجهات الرسمية المختصة بإصدار تراخيص المركبات في بريطانيا، وكانت المفاجأة اجتياز السيارة الفحص من أول مرة وتسجيلها باسم ناصر الهاجري كأول سيارة عربية الصنع، وذلك في مايو .1989 هذه السيارة التي أصبحت الآن جزءاً من التاريخ، لا تقدّر بثمن بالنسبة لصاحبها، ويقول عنها: «تلقيت العديد من العروض المغرية لبيعها، ولكنني رفضت كل هذه العروض، فالسيارة بالنسبة إلي لا تقدّر بثمن، فهي ذكرى نجاح، ورمز لكسر حاجز الخوف، لذا أعتبرها كأحد أولادي، لا يمكنني الاستغناء عنها، ونحرص جميعاً على صيانتها والعناية بها باستمرار». بعد هذا النجاح، اتجه الهاجري إلى البحث والتواصل مع مصانع السيارات وقطع الغيار في مختلف دول العالم، بهدف تكوين قاعدة معرفية لمشروعه الكبير، واستمر هذا البحث حتى 2007 وفي 2001حصل الهاجري على درجة الماجستير في هندسة الأنظمة الصناعية من أميركا، ثم عاد عام 2006 إلى بريطانيا للحصول على درجة الدكتوراه في الاقتصاد، وكان موضوع بحثه عن تأثيرات مشروع صناعة السيارات في الدولة في نواحٍ عدة، مثل نقل التقنيات المتطورة، وإيجاد فرص عمل، وأيضاً تغيير المفاهيم السائدة لدى المجتمع، وحصل عليها عام .2009 وفي عام ،2007 توج الهاجري مشواره الطويل بإنتاج أول سيارة إماراتية الصنع، ووفقاً له، تم فحص السيارة في وزارة الدفاع، وتمت تجربتها في الصحراء والجبال، وفي مناطق ذات طبيعة ومناخ مختلفين، إلى أن تم تسجيلها في إدارة «مرور أبوظبي»، ليتوالى بعد ذلك إنتاج المصنع، بداية من سيارات التحميل الصغيرة، ثم ذات الدفع الرباعي، إلى أن أنتج أول رافعة شوكية عربية وجاء تدشينها في دبي ،2009 وفي العام الجاري تم تدشين أول شاحنة عربية الصنع، وكذلك السيارتين الرياضيتين رباعيتي الدفع «سمحة» و«الشهامة»، بينما يخطط الهاجري لتدشين أول شاحنة ثقيلة في .2011 ولفت إلى أن استقبال الجمهور السيارات الإماراتية مشجع جداً، وأضاف «في البداية كان هناك عدم تصديق لفكرة وجود سيارات محلية الصنع، وتتمتع بمواصفات جيدة، ولكن مع الوقت أصبحنا نلمس مشاعر السعادة والفخر لدى الجمهور لوجود مثل هذه الصناعة في الدولة، وأغلبية الطلبات التي تردنا من الجمهور للاستخدام الشخصي، مقابل غياب الطلب الحكومي على هذه السيارات».