لفت انتباهي من عدة سنوات إصرار شركة تويوتا للحصول على لقب “أكبر صانع سيارات في العالم”. لاحظ أخي القارئ، أن الحصول على هذا اللقب لا يعني بالضرورة ان تكون الارباح كبيرة أيضاً. وعند النظر في وضع تويوتا اليوم تعي تماماً ان الشركة تتربع على القمة بكل ثقة، وهي رسمياً تملك اللقب قبل ثلاث سنوات. حتى وقت قريب، جنرال موتورز كانت أكبر صانع سيارات في العالم، وحملت هذا اللقب لفترة طويلة جداً. وكانت تتبع نفس سياسة التوسع من خلال إنشاء مصانع إضافية بدول جنوب أمريكا مثل البرازيل والمكسيك، ودول أوروبية وأفريقية واستراليا، هذا مع دخولها باتفاقيات تعاون وتصنيع مع عدة شركات سيارات في آسيا. وكيف كانت النتيجة؟ من بداية التسعينات وجنرال موتورز تدفع ثمن التوسع ولا زالت حتى يومنا هذا. وارباحها السنوية خلال الثلاثة عقود الماضية – في حالة حققت أرباح – تكاد تكون غير ملموسة. وهي أكثر شركة واجهت الإضرابات العمالية في مصانعها. وحتى مع الدعم الحكومي قبل أربع سنوات، لا تزال الشركة تواجه صعوبة في خلق مسار صحيح كشقيقاتها فورد وكرايسلر. إذاً، هل يمكن ان تواجه تويوتا نفس المصير؟ من وجهة نظري، هناك عوامل موجودة الآن يمكن الحكم من خلالها ان تويوتا ستواجه تحديات. قد لا تكون بحجم مشكلة جنرال موتورز، ولكن يبدو لي أن تويوتا لن تبقى طويلاً على القمة. من جهة، يبدو ان رغبة تويوتا في السيطرة على الاسواق العالمية أكبر من تركيزها على ما يرغبه الناس. وفي الوقت الذي تتنافس فيه الشركات العالمية على إظهار سياراتها بشكل متميّز ومختلف، تحمل أغلب موديلات تويوتا أفكار متكررة ومتشابهة. ومن أسوأها، استخدام هيكل واحد لأكثر من سيارة بشكل واضح، مثل كامري مع أوريون ولكزس ES مع أفالون. وقبل أن يدافع عشاق تويوتا على انه تقليل للتكاليف، هل تعلم أخي الكريم أن هيونداي آزيرا وكيا كادينزا يتشاركان بنفس قاعدة العجلات، ونوع التقنيات، وحتى المحرك؟ هل ترى بينهم أي شبه؟ ومن جهة أخرى، العوائق الضريبية التي تواجه مصانع السيارات في استراليا مؤخراً، والتي تبدو انها تزداد تعقيداً. وبدايتها كانت بإعلان فورد بإغلاق مصانعها هناك نظراً للرسوم الضريبية الجديدة. وبما ان مصنع تويوتا الاسترالي يزود جزء كبير من الأسواق العالمية، فهناك احتمالية مواجهة مشاكل ارتفاع التكلفة مما يؤدي إلى زيادة في الأسعار، المرتفعة أصلاً. وقد تهيمن تويوتا في آسيا، أفريقيا والشرق الأوسط بسيارات لاند كروزر وبرادو وهايلكس، حتى مع ارتفاع أسعارها. ولكن سيتغير الوضع في حين قررت هيونداي، والتي تدرس الموضوع بكل جدّيه، للدخول بكل قوتها لإنتاج هذا النوع من السيارات لأسواق معينه. ولا تزال تويوتا تصر أن “الاعتمادية” التي انشهرت بها من التسعينات هي علامتها الفارقة.! ولكن بنفس الفترة محركات كل من ميتسوبيشي ونيسان ومازدا كانت تتمتع بنفس القوة والاعتمادية. إذاً لماذا انفردت تويوتا بهذه السمعة؟ باعتقادي لسببين أساسيين: الصعوبات الاقتصادية للمنافسين في ذلك الوقت والتسويق القوي من قبل تويوتا. إرتفاع أسعار تويوتا الغير مبرر، مقارنة بالمواصفات، تقنعك بأن المبلغ المدفوع هو للسمعة فقط وليس للمنتج. إذاً كيف يكون سعر مازدا 6 الجديدة، اليابانية المنشأ، أرخص بكثير من سعر كامري الاسترالية؟. وأخيراً، لا يمكن تجاهل ما حققته تويوتا على مدار السنوات الماضية من إنجازات وأرقام مبيعات ضخمة. ولكن الواقع العملي يقول: دوام الحال من المحال.