من صفات جابر بن عبدالله رضي الله عنهالتأسي بأخلاق الرسول صلّ الله عليه وسلم، وتقوى الله والشدة في دينه.
هو جابر بن عبدالله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة، الإمام المجتهد الحافظ، من أصحاب رسول الله صلّ الله عليه وسلم، أسلم قبيل بيعة العقبة، وحضرها كنقيبًا عن قومه، شهد مع رسول الله صلّ الله عليه وسلم أغلب غزواته وكانت صحبته لرسول الله من أكبر النعم التي أنعم الله بها عليه، حيث تحلى بكثير من الفضائل الكريمة التي اقتبسها من أخلاقه صلّ الله عليه وسلم،
ومن أمثلة تأسيه رضي الله عنه بأخلاق الرسول، ووصاياه،يقول طلحة (أخذ رسول الله صلّ الله عليه وسلم جابرًا رضي الله عنه من يده يومًا إلى منزله، فلما انتهى رسول الله مع ضيفه إلى منزله، قال لأهله : هل من غذاء، أو عشاء، قالوا : نعم، فأخرجوا لنا فلقًا من خبز، فقال رسول الله : هل من أَدَم؟ قالوا : لا، إلا شئ من خل، قال : فأدنيه فإن الخل نعم الأدم هو. قال جابر رضي الله عنه : فما زلت أحب الخل منذ سمعته من رسول الله، وقال طالحة (راوي الحديث) : مازلت أحب الخل منذ سمعته من جابر).
تظهر غيرته رضي الله عنه على دينه، وشدة حبه لدين الله فيما ورد في مسند الإمام أحمد : فجاء جابر يسلِّم علي، فجعلت أحدثه عن افتراق الناس، وما أحدثوا، فجعل جابر يبكي ثم قال : سمعت رسول الله صلّ الله عليه وسلم يقول : إن الناس دخلوا في دين الله أفواجًا، وسيخرجون منه أفوجاً). اتصف جابر بن عبدالله
اتصف جابر بن عبدالله بأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وبعده عن مواطن الفتنة.
قال معاوية رضي الله عنه أيام خلافته إني رأيت منبر رسول الله صلّ الله عليه وسلم وعصاه لا يتركان بالمدينة، وهم قتلة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه وأعداءه، فلما قدم المدينة المنورة سنة خمسين طلب العصا وهي عند سعد القَرَظ، فجاءه أبوهريرة، وجابر بن عبدالله، فقالا : يا أمير المؤمنين نذكِّرك الله عز وجل أن تفعل هذا، فإن هذا لا يصلح، تخرج منبر رسول الله صلّ الله عليه وسلم من موضع وضعه وتخرج عصاه إلى الشام، فانقل المسجد! فأقصَر، وزادت فيه ست درجات، فهو اليوم ثماني درجات، واعتذر إلى الناس مما صنعت.[1][2] قصة جابر بن عبدالله مع الرسول
(عن جابر بن عبد الله قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع، مرتحلاً على جمل لي ضعيف (جمله ضعيف)، فلما رجع رسول الله صلّ الله عليه وسلم، جعلت الرفاق تمضي (أي تسبقني)، وجعلت أتخلف عنهم (لأن جمله ضعيف)، إذاً شاب يركب جملاً ضعيفاً في طريق العودة تخلف عن أصحابه، حتى أدركني رسول الله صلّ الله عليه وسلم، كان النبي عليه الصلاة والسلام يتفقد أصحابه جميعاً وهذا من رحمته على أصحابه، لأن مقام النبوة مقام متعدد النواحي، علم، وصلة، ورحمة، وتواضع، الآن جرى حوار بين النبي عليه الصلاة والسلام وبين هذا الشاب الذي اسمه جابر، فقال النبي عليه الصلاة والسلام ما لك يا جابر لماذا أنت متخلف عن الركب؟ قلت يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا، قال : فأنِخْهُ، وأناخ رسول الله صلّ الله عليه وسلم جمله، وأنخت جملي ثم قال : أعطني هذه العصا من يدك ففعلت، فأخذها رسول الله صلّ الله عليه وسلم فنخس بها الجمل نخسات ( أي وخزه بها )، ثم قال : اركب، فركبت، فانطلق جملي، والذي بعثه بالحق صار جملي يجاري ناقة رسول الله، وتحدث معي رسول الله صلى الله عليه وسلم).[3] شهد جابر بن عبدالله مع النبي كم غزوة
شهد جابر بن عبدالله مع النبي 19 غزوة .
كان جابر بن عبدالله رضي الله عنه مقبلًا على الجهاد في سبيل الله، ولكن منعه أبوه من الخروج للجهاد في غزوتي بدر، وأحد، وخرج مع النبي دون ابنه الشاب جابر، وترك ليرعي أخواته السبع، حتى نال أبوه الشهادة في غزوة أحد، فخرج إلى الجهاد، ولم يتخلف عن غزوة من غزوات النبي بعدها أبدًا، أخبرنا إبراهيم بن جعفر، عن أبيه، عن جابر، قال : (غزوت مع رسول الله صلّ الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، لم أقدر أن أغزو حتى قتل أبي بأحد، كان يخلفني على أخواتي، وكنَّ تسعاً، فكان أول ما غزوت معه حمراء الأسد).
وُقفت غزوة أحد لا غالب، ولا مغلوب، واليوم التالي نادى منادي الرسول للخروج للقاء العدو، وأن لا يخرج إلا من كل قد كان من ضمن مقاتلي الأمس في غزوة أحد، فخرجوا معه ما بين صحيح وجريح، وجاء جابر بن عبدالله يستأذن الرسول في الخروج إلى المعركة (حمراء الأسد) يقول له : (يا رسول الله إن أبي خلفني على أخوات لي سبع وقال : يا بني إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة لا رجل بينهن، ولست بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول الله صلّ الله عليه وسلم، فتخلَّف على أخواتك، فتخلفت عليهن) فأذن له رسول الله صلّ الله عليه وسلم، فخرج مع إلى الجهاد يوم حمراء الأسد، وكانت أولى غزواته مع النبي. جابر بن عبدالله المحدث والمفتي والمعلم والمجتهد
كان جابر بن عبدالله أحد السابقين إلى الإسلام من أهل المدينة، وكان ملازمًا لرسول الله صلّ الله عليه وسلم، يأخذ عنه الحديث، وصحابته الأكارم، وقد خاض كل الغزوات مع النبي جنبًا إلى جنبًا بعد وفاة أبيه، وكان يروي أخبار الغزواك، والمعارك وكأنه مراسلًا من قلب الحدث، وقد روى عن النبي (1540) حديثًا، اتفق البخاري، ومسلم على صحة (60)، وانفرد البخاري بـ (26)، وانفرد مسلم بـ (126)، وهي أحدايث في مختلف، وشتى الموضوعات التي تناولها الرسول صلّ الله عليه وسلم، من أصول الإسلام، وأركان الإيمان، وأركان الحج، والصلاة، والمعاملات، والتهذيب، والتزكية، والأخلاق، والدعوة إلى الله، والجهاد في سبيل الله سبحانه، وتعالى.
روى جابر بن عبدالله عن الرسول، وعن العديد من صحابته الكرام، مثل : (أبي بكر، وعمر، وعلي، وأبي عبيدة، وأبي هريرة، وأبي قتادة، وعمار بن ياسر، وخالد بن الوليد، وأبي بردة بن نيار، وأم مالك، وأم مبشر)، وروى عنه جماعة من الصحابة، والتابعين، منهم : (أولاده عبدالرحمن وعقيل، ومحمد)، و(سعيد بن المسيِّب، وأبو جعفر الباقر، وعرمو بن دينار، ومحمد بن المنكدر، والحسن البصري، وعبدالله وعبد الرحمن ابنا كعب بن مالك، وسليمان بن عتيق، وأبو نضرة العبدي، ووهب بن كيسان، وسعيد بن ميناء، والحسن بن محمد بن الحنفية، وسعيد بن الحارث، وسعيد ابن أبي هلال، وسالم ابن أبي الجعد).
خرج جابر بن عبدالله في طلب الحديث ممن سمعه عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم، فذهب إلى مكة المكرمة، وسافر إلى مصر، والشام، وقد كان حريصًا على نشر العلم، وإجابة السائل، ولم يشغله عن نشر العلم إلا انشغاله بالجهاد بعد رسول الله، وكان يفتي عن علم، وله العديد من الاجتهادات في الفتوى، واستنباط الأحكام، وقد عاش 94 عامًا، 80 منهم في رحاب الإسلام، ونوره، رحمه الله ورضا عنه وأرضاه.[2]